الذهان هو اضطراب نفسي معقد يؤثر على طريقة تفكير الإنسان، إدراكه، وعلاقته بالواقع. يعاني المصابون بالذهان من فقدان الاتصال بالواقع، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الهلوسة، الأوهام، التفكير غير المنظم، والسلوكيات غير الطبيعية. الذهان لا يعني فقدان العقل أو "الجنون" كما قد يُعتقد، بل هو حالة طبية تحتاج إلى فهم وعلاج متخصص.
في هذا المقال، سنتعرف على ماهية الذهان، أسبابه، أعراضه، طرق التشخيص، وكيفية العلاج، مع تسليط الضوء على أهمية التدخل المبكر والدعم النفسي.
ما هو الذهان؟
الذهان هو اضطراب نفسي يتسبب في فقدان الاتصال بالواقع لدى الشخص. عادة ما يتجلى ذلك في صورة:
-
أوهام: معتقدات خاطئة وثابتة لا تتغير حتى عند تقديم أدلة معاكسة. مثل الاعتقاد بأن هناك مؤامرة ضد الشخص.
-
هلوسات: تجارب حسية غير حقيقية، مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة فعليًا.
قد يؤثر الذهان على التفكير، المشاعر، السلوك، والقدرة على التواصل. وهو عرض شائع في عدد من الأمراض النفسية مثل الفصام، الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وبعض حالات الاكتئاب الحاد.
أسباب الذهان
تتعدد الأسباب والعوامل التي قد تؤدي إلى ظهور الذهان، وتشمل:
1. الأسباب البيولوجية
-
العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي لمرض الفصام أو الاضطرابات الذهانية يزيد من احتمال الإصابة.
-
اختلالات كيميائية في الدماغ: نقص أو زيادة في النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين تؤثر على وظائف المخ.
-
تغيرات هيكلية في الدماغ: أظهرت الدراسات وجود بعض التغيرات في بنية الدماغ لدى مرضى الذهان.
2. العوامل النفسية والاجتماعية
-
التوتر الشديد والصدمات النفسية: قد تؤدي إلى ظهور الذهان خاصة عند الأشخاص المعرضين وراثيًا.
-
العزلة الاجتماعية والتجارب السلبية.
3. العوامل البيئية
-
تعاطي المخدرات مثل الكوكايين، الأمفيتامينات، والحشيش.
-
بعض الأمراض العضوية مثل الأورام الدماغية، العدوى، واضطرابات التمثيل الغذائي.
أعراض الذهان
الأعراض الإيجابية
-
الأوهام: معتقدات خاطئة غير قابلة للتغيير.
-
الهلاوس: السمعية هي الأكثر شيوعًا، لكنها قد تكون بصرية أو حسية أخرى.
-
التفكير غير المنظم: صعوبة في التركيز وترتيب الأفكار.
-
سلوك غريب أو غير متناسب.
الأعراض السلبية
-
انخفاض الدافعية وعدم الاهتمام بالأشياء المحيطة.
-
العزلة الاجتماعية.
-
ضعف المشاعر وعدم القدرة على التعبير عنها.
-
ضعف التركيز والذاكرة.
تشخيص الذهان
يتم التشخيص بواسطة الطبيب النفسي بناءً على:
-
مقابلة سريرية دقيقة.
-
تقييم الأعراض السريرية ومدى تأثيرها على حياة المريض.
-
استبعاد الأسباب العضوية أو الدوائية.
-
استخدام مقاييس تقييم معينة مثل مقياس الذهان.
أنواع الذهان
-
الفصام: هو النوع الأكثر شيوعًا، ويتسم بظهور أعراض الذهان بشكل مستمر لمدة 6 أشهر أو أكثر.
-
الذهان الوجداني: يحدث في حالات اضطرابات المزاج مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب.
-
الذهان العضوي: ناتج عن أمراض عضوية أو تأثيرات دوائية.
-
الذهان الحاد المؤقت: قد يحدث نتيجة تعاطي مخدرات أو ضغوط نفسية شديدة.
علاج الذهان
1. العلاج الدوائي
-
مضادات الذهان (Antipsychotics): وهي الأدوية الأساسية لعلاج الذهان، مثل الريسبيريدون، الأولانزابين، والكويتيابين.
-
الأدوية المساعدة: مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق حسب الحاجة.
2. العلاج النفسي
-
العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد المرضى على فهم الأوهام والهلاوس وكيفية التعامل معها.
-
العلاج الأسري: لدعم الأسرة في التعامل مع المريض.
-
الدعم الاجتماعي والمهني: للمساعدة على الاندماج في المجتمع وتحسين جودة الحياة.
3. العلاج التأهيلي
-
برامج التأهيل المهني والاجتماعي.
-
تطوير المهارات الحياتية.
نصائح للتعامل مع الذهان
-
الالتزام بالعلاج والزيارات الطبية المنتظمة.
-
الدعم النفسي والعاطفي من الأسرة والأصدقاء.
-
تجنب التعرض للضغوط النفسية والمحفزات.
-
مراقبة الأعراض والإبلاغ عن أي تغيرات مفاجئة.
-
تجنب تعاطي المخدرات والكحول.
مضاعفات الذهان
-
ضعف في الأداء الدراسي أو الوظيفي.
-
مشاكل في العلاقات الاجتماعية.
-
خطر الانتحار في بعض الحالات.
-
مشاكل صحية أخرى نتيجة عدم الاعتناء بالنفس.
الذهان هو حالة صحية نفسية معقدة تتطلب فهماً دقيقاً وعلاجاً متخصصاً. مع التقدم في الطب النفسي، أصبحت هناك فرص كبيرة للمرضى للعيش حياة طبيعية وفعالة. الدعم الأسري والمجتمعي ضروري لتحسين نتائج العلاج وجودة الحياة. إذا كنت تعتقد أن شخصًا ما يعاني من أعراض الذهان،
تعليقات
إرسال تعليق