اليانسون (Anise): أسرار النبات العطري الذي يدعم الهضم والهرمونات والمناعة

اليانسون (بالإنجليزية: Anise؛ الاسم العلمي: Pimpinella anisum) هو نبات عطري من الفصيلة الخيمية (Apiaceae)، يُزرع في مناطق الشرق الأوسط، البحر الأبيض المتوسط، وآسيا، ويشتهر ببذوره العطرية التي تحمل نكهة شبيهة بالعرقسوس. يُستخدم اليانسون في الطهي، الحلويات، المشروبات، والعلاجات الشعبية منذ قرون.

ما يميّز اليانسون ليس مجرد نكهته، بل احتواؤه على مركبات نباتية نشطة مثل الأنثول (Anethole) ومركبات أخرى ذات خصائص مضادة للأكسدة، مضادة للميكروبات، ومعدّلة للهرمونات. تشير الدراسات الحديثة إلى أن اليانسون قد يمتلك فوائد عدة، من دعم الجهاز الهضمي إلى تحسين إنتاج الحليب وأعراض سن اليأس. لكن، كغيره من المكملات الطبيعية، لا تزال هناك حاجة لمزيد من التجارب السريرية القوية لتأكيد هذه الفوائد وتحديد الجرعة الآمنة.

في هذا المقال سنعرض:

1. التعريف واليُقظة النباتية.

2. المركبات الفعالة في اليانسون والقيمة الكيميائية.

3. الفوائد الصحية المدعومة بالأبحاث.

4. آليات عمل اليانسون في الجسم.

5. الاستخدامات والجرعة المقترحة.

6. التحذيرات والآثار الجانبية.

7. نصائح لاختيار جودة اليانسون وكيفية استخدامه.

8. خلاصة ونظرة مستقبلية.

التعريف والنشأة النباتية لليانسون

• اليانسون ينتمي إلى جنس Pimpinella من الفصيلة Apiaceae، ويُعرف أيضًا بـ aniseed أو sweet anise. (turn0search8)

• موطنه الأصلي منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى، وتعرف زراعته في كثير من الدول العربية منذ القدم. (turn0search23)

• يُستخدم البذور أكثر من أجزاء النبات الأخرى، حيث تُجمع البذور عندما تنضج وتجف، وتُستخدم على شكل بذور كاملة، مسحوق، أو مستخلصات وزيوت طيارة. (turn0search8)

• يُشار أحيانًا إلى "اليانسون النجمي" (Star Anise)، وهو نبات مختلف (من فصيلة أخرى، Illicium verum)، لكن يُستخدمه البعض كبديل نظير تشابه النكهة. لكن يجب التمييز بين النوعين نظرًا للفوارق الكيميائية والسمية المحتملة لبعض الأنواع. (turn0search11)

المركبات الفعالة في اليانسون والقيمة الكيميائية

لفهم الفوائد، من الضروري معرفة ماذا يحتوي اليانسون:

• الأنثول (Anethole): المركب العطري الأساسي في اليانسون، والذي يعطيه الرائحة والنكهة المعروفة، ويُعتقد أنه يساهم في معظم التأثيرات البيولوجية. (turn0search44)

• اليانسون يحتوي أيضًا على الفينولات، الفلافونويدات، التانينات، الزيوت الطيارة، المركبات المعدنية، الأحماض الدهنية والكاروتينات. (turn0search8)

• زيت اليانسون (المستخلص الطيار) أظهر نشاطًا مضادًا ميكروبيًا، مضادًا للفطريات، مضاد أكسدة، وربما مضاد للفيروسات في بعض الدراسات المخبرية. (turn0search29)

• بعض الدراسات تشير إلى أن اليانسون يحتوي على مركبات ذات تأثيرات هرمونية (محاكاة الإستروجين)، والتي قد تكون مفيدة في بعض الحالات مثل دعم إدرار الحليب أو أعراض سن اليأس، ولكن قد تكون أيضًا نقطة تحذير لبعض الأشخاص الحساسين. (turn0search27)

• تُشير مراجعة شاملة أن البذور البرية والمزروعة من اليانسون غنيّة بمركبات نشطة مثل الفينول، التانيينات، الكاروتينات، وبعض الأحماض الدهنية. (turn0search19)

بهذه المكونات يُفسَّر جزء كبير من التأثيرات الصحية المنسوبة لليانسون.

الفوائد الصحية لليانسون — الأدلة العلمية

فيما يلي أهم الفوائد المنسوبة لليانسون، مدعومة بالدراسات المتوفرة إلى الآن:

1. دعم الجهاز الهضمي وتخفيف عسر الهضم والغازات

اليانسون معروف تقليديًا كعشبة مقشعة ومفرقة للغازات (carminative, spasmolytic):

• دراسة في مجلة BMC على مرضى بعد الولادة أظهرت أن شاي اليانسون ساهم في تخفيف أعراض عسر الهضم الوظيفي (functional dyspepsia) لدى بعض المرضى. (turn0search3)

• دراسة أخرى (في سياق أمراض الجهاز الهضمي أو في حالات مرضى COVID-19) استخدمت مسحوق اليانسون والذي كان يحتوي على نسبة عالية من trans-anethole، ووجدت تحسّنًا في ألم البطن، فقدان الشهية، والإسهال. (turn0search10)

• في الطب التقليدي، يُستخدم اليانسون للتخفيف من الانتفاخ والغازات بعد الوجبات، وتليين الأمعاء في حالات القلق الهضمي. (turn0search2)

2. تحفيز إدرار الحليب (الرضاعة)

من الاستخدامات الشائعة لليانسون في الطب الشعبي هو دعمه لإنتاج الحليب لدى الأمهات:

• دراسة حديثة أُجريت على الأمهات المرضعات بينت أن شاي اليانسون أدى إلى زيادة ملحوظة في حجم الحليب مقارنة بالمجموعات الضابطة، ووزن الأطفال الخدّج ارتفع بشكل ملحوظ أيضًا. (turn0search22)

• في نصوص الطب التقليدي، يُذكر أن اليانسون مُحرّك للغدد اللبنية ويُستخدم لزيادة الحليب، إلى جانب تأثيراته الهرمونية المحتملة. (turn0search2)

3. تأثيرات مضادة للبكتيريا والفطريات والميكروبات

بفضل محتواه من الأنثول ومركبات أخرى، يُظهر اليانسون نشاطًا مضادًا للميكروبات:

• زيت اليانسون أظهر خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات في دراسات متعددة، مع قدرة على تثبيط البكتيريا الضارة والفطريات مثل Candida وغيرها. (turn0search29)

• في بعض الدراسات المخبرية، اليانسون والأنثول أظهرا فعالية في تثبيط بعض البكتيريا المعوية الضارة، مما قد يساهم في صحة الجهاز الهضمي. (turn0search6)

• كذلك بعض الأدلة تشير إلى أن اليانسون قد يبطئ نمو الفطريات أو يثبّطها في بيئات المختبر. (turn0search0)

4. دعم التنظيم الهرموني وأعراض سن اليأس

من الفوائد التي تنبع من خاصية محاكاة الاستروجين لبعض مركبات اليانسون:

• يُستخدم اليانسون في الطب الشعبي للتخفيف من الهبات الساخنة (hot flashes) وأعراض سن اليأس، حيث قد يقلل من التردد والشدة، ربما بفضل تأثيره الشبيه بالهرمونات. (turn0search0)

• بعض الأبحاث الأولية تشير إلى أن اليانسون قد يُقلِّل من الأعراض الهرمونية عند النساء في مرحلة المناوبة، لكن الأدلة ما تزال محدودة. (turn0search5)

• أيضًا، أحد الاستخدامات التقليدية لليانسون هو تنظيم الدورة الشهرية والمساعدة في الانتظام الطمثي، لكن الأدلة العلمية الحديثة قليلة في هذا المجال. (turn0search24)

5. الوقاية من الأمراض الالتهابية والأكسدة

اليانسون يحتوي على مضادات أكسدة ومركبات مضادة للالتهاب:

• تشير الدراسات إلى أن اليانسون يقلّل من الجذور الحرة (oxidative stress) ويُعزز نشاط مضادات الأكسدة، مما يدعم الحماية الخلوية. (turn0search8)

• في الحيوانات، بعض الدراسات أظهرت أن اليانسون يمكن أن يخفض مؤشرات الالتهاب مثل التورم، الألم، ويُحسِّن الاستجابة المضادة للالتهاب في النماذج الحيوانية. (turn0search6)

• كما أن الكمية الكبيرة من المركبات الفينولية والتانينات في اليانسون تدعم تأثيره المضاد للأكسدة. (turn0search19)

6. دعم الصحة النفسية والمزاج

هناك بعض الأدلة المبكرة على أن اليانسون قد يؤثر إيجابيًا على الحالة المزاجية:

• في تجربة على البشر، استخدم زيت اليانسون بصيغة AnisEncap لعلاج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط، ووجدت نتائج إيجابية بالمقارنة مع الدواء الوهمي. (turn0search14)

• في نصوص الطب التقليدي، يُذكر أن اليانسون يستخدم لتحسين المزاج، معالجة الصرع أو النُعاس، ومعالجة الكوابيس. (turn0search2)

7. دعم تنظيم السكر والدهون (أدلة أولية)

على الرغم من أن الأدلة في البشر قليلة، إلا أن بعض التجارب الحيوانية تشير إلى أن اليانسون قد يساهم في:

• خفض مستوى السكر في الدم، تحسين وظيفة البنكرياس، وتعزيز إفراز الإنسولين. (turn0search6)

• تقليل الدهون الضارة مثل LDL أو الدهون الثلاثية في نماذج حيوانية، مما قد يدعم صحة القلب. (turn0search6)

لكن من المهم التنويه أن هذه الأدلة ليست قوية بما يكفي للاعتماد الكلي، ويجب الحذر عند استخدامها في حالات السكري أو الخلل الاستقلابي.

آليات عمل اليانسون في الجسم

إليك بعض الآليات المقترحة التي من الممكن أن تبيّن كيف يعمل اليانسون:

1. مضاهاة الاستروجين (Phytoestrogenic activity): بعض مركبات اليانسون تشبه هرمون الاستروجين جزئيًا في تأثيرها على المستقبلات، مما قد يساهم في التأثير على الحليب، الدورة الشهرية، أو أعراض سن اليأس. (turn0search27)

2. الأنثول وتأثيره المباشر: الأنثول يعزز التأثيرات المضادة للميكروبات، مضادة للفطريات، ومضادة للالتهاب، وربما يحفّز إفراز بعض العصارات الهضمية.

3. التأثير المضاد للأكسدة: بمساعدة مركبات الفينول والتانينات، يُقلل اليانسون الضرر التأكسدي ويحصّن الخلايا من الأضرار بالنماذج الحيوانية.

4. تنظيم العصارات الهضمية وتخفيف التقلصات: المركبات الموجودة في اليانسون قد ترتخي العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، مما يُقلّص التقلصات، يسهّل حركة الأمعاء، ويُقلل الغازات والانتفاخ.

5. نشاط مضاد للميكروبات والفطريات: يُعتقد أن الأنثول وبعض المكونات الأخرى تثبّط نمو الميكروبات والفطريات، مما يدعم صحة الفم، الأمعاء، وربما الجلد.

الاستخدامات العملية والجرعة المقترحة

إليك كيف يمكن استخدام اليانسون والاستفادة منه:

أشكال الاستخدام الشائعة

• شاي اليانسون (مغلي): تُغلى ملعقة صغيرة من بذور اليانسون أو مسحوقها في ماء، ويُشرب كـ “مشروب عشبي”.

• بذور كاملة أو مطحونة: تُستخدم في الطهي، الخبز، الحلويات، المشروبات، ويمكن مضغها بعد الأكل كـ “نكهة هضمية”.

• مستخلصات وزيوت طيارة: تستخدم في المكملات أو الاستخدامات العلاجية المركزة، يجب الانتباه للتركيز.

• خلطات عشبية: يُدمج اليانسون مع أعشاب أخرى لتعزيز التأثير (مثل الشمر، الكراوية، الزنجفر).

الجرعة المقترحة

لا توجد جرعة قياسية موحدة لكل الحالات، لكن من بعض الدراسات:

• في تجربة في الإنسان للرضاعة، استخدم شاي اليانسون بشكل يومي، وكانت النتائج إيجابية في زيادة الحليب. (turn0search22)

• في الدراسات التجريبية على الأمراض الهضمية، استُخدم مسحوق بذور اليانسون بنسبة عالية من الأنثول لتحسين أعراض الجهاز الهضمي لمدة قصيرة (أيام إلى أسابيع). (turn0search10)

• في تجربة الاكتئاب، استخدم زيت اليانسون في كبسولات بقوة معينة (200 ملغ من زيت اليانسون في تركيب AnisEncap). (turn0search14)

• في دراسة متطوّعة، استخدم المتطوّعون 2 غرام من اليانسون + الزعتر مرتين يوميًا كمشروب لمدة 4 أسابيع، وراقبوا المؤشرات الحيوية. (turn0search13)

نصيحة عامة: ابدأ بجرعة خفيفة (مثلاً نصف إلى ملعقة صغيرة يوميًا من البذور أو شاي خفيف) وراقب استجابة جسمك، ثم زد تدريجياً إذا لم تكن هناك آثار سلبية. لا تستخدم جرعات عالية لفترات طويلة دون إشراف طبي.

التحذيرات والآثار الجانبية

كما هو الحال مع أي مادة طبيعية ذات تأثيرات بيولوجية، هناك تحذيرات يجب أخذها بالحسبان:

• الحساسية: بعض الأشخاص قد يصابون بردود فعل تحسسية تجاه اليانسون أو نباتات عائلة الخيمية (كالشمّر، الشبت، البقدونس). (turn0search6)

• التأثيرات الهرمونية: بسبب محاكاة بعض مركباته لهرمون الاستروجين، قد تكون مخاطر لمرضى سرطانات أو حالات حساسة هرمونيًا (مثل سرطان الثدي، الأورام التي تستجيب للإستروجين). (turn0search6)

• تداخلات دوائية: قد يتداخل اليانسون مع أدوية هرمونية أو مع أدوية تؤثر على الاستقلاب الهرموني أو الأدوية التي تتعامل مع إنزيمات الكبد.

• السمية في الأنواع الخاطئة: إذا تم خلط اليانسون بنوع “اليانسون الياباني النجمي (Illicium anisatum)” أو أنواع مشابهة سامة، يمكن أن يسبب سموماً عصبية. من المعروف أن اليانسون النجمي السام يحتوي مركبات سامة مثل الأنيساتين (Anisatin). (turn0search46)

• الحمل والرضاعة: بالرغم من أن اليانسون يُستخدم في دعم الرضاعة، يجب توخي الحذر أثناء الحمل أو الولادة، وعدم استخدام جرعات عالية دون استشارة طبية.

• الجرعات العالية الطويلة: قد تسبب اضطرابات في الكبد أو الكلى في حالة الاستخدام المفرط جدًا، خصوصًا إذا كان المستخلص مركزًا.

• التأثير على مستويات الهرمونات: في بعض الحالات قد يسبّب اضطرابًا إذا استخدم بشكل مفرط في الأشخاص ذوي حساسية هرمونية.

نصائح لاختيار جودة اليانسون واستخدامه بشكل آمن

• اختر بذور اليانسون النظيفة ذات اللون البني الرمادي الهادئ، تأكد من خلوها من الرطوبة والعفن.

• إذا كنت تبحث عن تأثير علاجي، استخدم مستخلصات موثوقة مع شهادات تحليل (Standardized extracts).

• عند استخدامه كمشروب، استخدم كميات معتدلة (مثلاً 1 إلى 2 غرام يوميًا) وليس تركيزًا مفرطًا.

• لا تخزن اليانسون في أماكن حارة أو معرضة للرطوبة، بل في عبوات محكمة الإغلاق في مكان بارد وجاف.

• إذا كنت تتناول أدوية، أو لديك حالات طبية مزمنة (كأمراض الكبد، السرطان، اضطرابات هرمونية)، استشر الطبيب قبل استخدام اليانسون كمكمل.

• لا تستخدم اليانسون للأطفال الرضع أو الصغار دون إشراف طبي، خاصة تجنب الأنواع النجميّة المشبوهة.

• راقب أي أعراض غير عادية مثل الطفح الجلدي، اضطرابات المعدة، أو تغير الهرمونات، ووقف الاستخدام إذا ظهرت.

اليانسون هو نبتة عطريّة ذات تاريخ طويل في الاستخدامات الشعبية، ويحتوي على مركبات فعالة مثل الأنثول، الفينولات، والزيوت الطيارة التي ترتبط بعدد من الفوائد الصحية المحتملة:

• دعم الجهاز الهضمي وتخفيف الانتفاخ والغازات

• مساعدة في إنتاج الحليب

• خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات

• التأثير في تنظيم الهرمونات وأعراض سن اليأس

• نشاط مضاد للأكسدة والالتهابات

• دعم الصحة النفسية في بعض الحالات

• بعض الأدلة الأولية على تنظيم السكر والدهون

لكن مهم التنويه أن معظم الأدلة حتى الآن ليست قوية بما فيه الكفاية لتأكيد جميع هذه الاستخدامات بحرية تامة، ويجب إجراء المزيد من التجارب السريرية على البشر لتحديد الجرعات المثلى، الأمان طويل الأمد، والتداخلات الدوائية.