البطالة المقنّعة: التعريف، الأسباب، الآثار، والحلول

البطالة المقنّعة: التعريف، الأسباب، الآثار، والحلول

 إليك مقالة شاملة ومتكاملة حول البطالة المقنعة (Disguised Unemployment / Underemployment)، متوافقة مع معايير السيو، تحتوي تعاريف، أنواع، أسباب، آثار، دراسات عربية وأجنبية، استراتيجيات علاج، كلمات مفتاحية، ومصادر.


البطالة المقنّعة: التعريف، الأسباب، الآثار، والحلول


تعريف البطالة المقنعة



البطالة من أكبر التحديات التي تواجه الدول، وخاصة النامية منها. وعندما نتحدث عن البطالة، فإننا غالبًا ما نركّز على البطالة الظاهرة: الأشخاص الذين لا يعملون ويبحثون عن عمل. لكن هناك نوعًا أقل وضوحًا لكنه مؤثر وذو تكلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة: البطالة المقنّعة. هذا النوع من البطالة يكون “مخفيًا” أو “غير مرئي” إلى حد كبير في الإحصائيات الرسمية، لكنه يستنزف الموارد الاقتصادية ويعيق التنمية.

التعريف

  • البطالة المقنّعة (Disguised Unemployment / Underemployment) هي الحالة التي يكون فيها عدد من العاملين في وظيفة معينة فائقًا عن عدد العمال المطلوبين فعليًا لتحقيق إنتاجية كاملة، أو يعملون بأقل من طاقتهم أو مهاراتهم، أو يكون دخلهم أو ساعات عملهم أقل مما ينبغي إذا تم استخدامهم بكفاءة. (أرقام)

  • حسب تعريف Investopedia: هي العمالة التي لها قدرات ومهارات لا تُستخدم بالكامل، أو يعمل الأشخاص في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم، أو يعملون بشكل غير دائم أو بوقت جزئي ويريدون دوامًا كاملًا. (Investopedia)

الأنواع

يمكن تقسيم البطالة المقنّعة إلى أنواع متعددة:

النوع التوصيف
فرعية الإنتاجية عدد العمال يفوق الحاجة الفعلية في نشاط معين، وإحدى هذه العمال لا تزيد الإنتاج إن قُلّ عددهم. (admics.uomustansiriyah.edu.iq)
تحت الاستعمال (Underutilization of skills) يقوم العامل بعمل أقل من مؤهلاته من حيث المهارة أو الخبرة؛ مثلاً مهندس يعمل في وظيفة غير تخصصه. (Investopedia)
العمل بدوام جزئي رغم الرغبة في دوام كامل أشخاص يعملون عدد ساعات قليل يرغبون في ساعات عمل أكبر. (Investopedia)
وظائف غير مستغلة أو زائدة في القطاع الحكومي عدد الموظفين في الجهة الحكومية يفوق ما هو مطلوب فعليًا، أو وجود موظفين لا تُستخدم طاقاتهم بالكامل في الأعمال المناطة بهم. (أرقام)

الفرق بين البطالة المقنّعة والبطالة الظاهرة وأنواع البطالة الأخرى

لفهم أين تقع البطالة المقنّعة ضمن أُطُر البطالة، إليك مقارنة:

النوع ما يتم قياسه رسميًا عادةً هل يظهر في إحصائيات البطالة الرسمية؟ مثال
البطالة الظاهرة (Open Unemployment) الأشخاص الذين لا يعملون ويبحثون عن عمل نعم في معظم الدول شخص تخرج ولم يجد عملاً بعد
البطالة المقنّعة الأشخاص الذين يعملون أو ظاهرًا موظفون لكن إنتاجيتهم منخفضة، أو العمل لا يطابق مؤهلاتهم، أو ساعات عملهم أقل مما يرغبون غالبًا لا تُحتسب أو تُحتسب جزئيًا فقط موظف حكومي لا يؤدي مهامًا فعلية أو شخص يعمل بدوام جزئي براتب منخفض رغم مؤهلات عالية
البطالة الهيكلية نقص المهارات أو تغيّر في تركيبة الاقتصاد يجعل البعض غير مناسبين للوظائف المتاحة نعم، لكن تحديدها أصعب من الظاهرة العامل في قطاع معين يصبح زائداً بسبب التحول التكنولوجي
البطالة الدورية البطالة الناتجة عن التقلّبات الاقتصادية والكساد نعم انخفاض طلب العمل خلال الأزمة المالية

أسباب البطالة المقنّعة

البطالة المقنّعة تنشأ من تداخل عوامل داخلية وخارجية، منها:

  1. التوظيف المفرط في القطاع الحكومي

    • في الدول التي تعطي أولوية للتوظيف الحكومي كوسيلة لامتصاص البطالة، يتم توظيف عدد كبير من الموظفين بدون توفير مهام فعلية لهم أو بدون ضغط العمل الكافي. (أرقام)

    • تنتشر هذه الظاهرة في بعض الدول العربية التي تشكو من عدم قدرة القطاع الخاص على امتصاص الأعداد الكبيرة من الخريجين. (الرياض)

  2. ضعف التوافق بين المهارات ومتطلبات سوق العمل

    • الخريجون يتخصصون في مجالات لا توجد فيها وظائف كافية، أو أن التعليم لا يوفّر المهارات العملية المطلوبة. وهذا يؤدي إلى أن البعض يقبل وظائف دون أن يستفيد من مؤهلاته كاملة.

  3. ضعف الإنتاجية أو استخدام غير مثالي للموارد البشرية

    • وجود الموظفين في مؤسسات لا يُطلب منهم العمل بكفاءة، أو لا توجد رقابة، تقييم أداء ضعيف، أو نظام إداري غير فعّال. (admics.uomustansiriyah.edu.iq)

  4. ضعف فرص القطاع الخاص والتحديات الاقتصادية

    • ضعف الاستثمار، قلة الوظائف في القطاع الخاص، أزمات اقتصادية، أن يكون القطاع الخاص غير جذّاب من حيث الأجور أو المناخ الوظيفي. (Alrai-media)

  5. العوامل الاجتماعية والثقافية

    • التفضيل لوظيفة حكومية حتى إن كانت إنتاجيتها منخفضة، الطلب على الاستقرار الوظيفي بدل المخاطرة، الأعراف التي تعتبر الوظيفة العامة رمزية اجتماعيًا. (جريدة الجريدة الكويتية)

  6. سياسات التوظيف والرواتب الضاغطة

    • السياسات التي تُلزم الجهات الحكومية بتوظيف أعداد كبيرة دون مراعاة حاجة العمل الفعلية.

    • هياكل الرواتب التي لا تميّز بين الإنتاجية العالية والمنخفضة مما يُقلّل الحافز للأداء. (جريدة الأنباء الكويتية)

الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية

البطالة المقنّعة لها آثار متعددة، بعضها ظاهر وبعضها خفي، تؤثر على الفرد والمجتمع.

الأثر على الاقتصاد والنمو

  • ضياع الموارد: العمال الذين لا يُستفاد من قدراتهم يُمثّلون تكلفة دون مساهمة فعلية في الإنتاج.

  • انخفاض الإنتاجية الكلية: وجود عدد من الموظفين الزائدين يقلّل من متوسط إنتاجية الفرد، مما يجعل الإنتاج للفرد أقل من الممكن.

  • أعباء مالية على الحكومة: رواتب لمن لا ينتج أو لا يُستخدم إنتاجيته بالكامل، مما يُثقل ميزانيات الدولة.

  • تقلّ فرص الابتكار والتطوير: إذا المؤسسات تعمل بكفاءات قليلة وتوظّف الكثير دون جدوى، فإنها لا تملك الحافز لتحديث طرق العمل وتحسين الأداء.

الأثر على الفرد

  • الإحساس بعدم الرضا: الموظف الذي يدرك أن دوره غير فعّال أو أن جهده لا يُستخدم يشعر بالإحباط أو الدونية.

  • تراجع المهارات والتطور المهني: إذا كان الشخص يعمل في وظيفة لا تتطلب استخدام كامل مهاراته أو إمكانياته، فإنه قد يتراجع مهارياً مع الزمن.

  • دخل منخفض وفرص محدودة: إذا كانت الوظيفة غير منتجة أو غير دائمة، فإن الأجر قد يكون أقل، وفرص الترقّي أقل.

  • ضغوط نفسية واجتماعية: الشعور بأن المرء “مدفوع للجلوس” أو “حضور بلا فعل”، مما قد يسبب مللاً، ضعف الحافز، ضعف الثقة بالنفس.

الأثر على المجتمع

  • تفاوت اجتماعي: يظهر فرق بين من يعمل بكفاءة ويُستخدم إنتاجيته وبين من لا، مما قد يستبل وطنياً في المزايا والرواتب والتقدير.

  • إهدار تنمية بشرية: الاستثمارات في التعليم والتدريب لا تؤتي ثمارها إذا لم تُستعمل القدرات بعد التخرج.

  • ضعف التنافسية الاقتصادية: الاقتصاد الذي يعاني من مستويات عالية من البطالة المقنّعة يكون أقل جاذبية للاستثمار، وأقل قدرة على الاستجابة للتحديات الاقتصادية العالمية.

  • تأثير على السياسات العامة والموازنة: الدولة تنفق على الرواتب، المزايا، التوظيف العام الزائد، مما يقلل من القدرة على الإنفاق في مجالات أخرى مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.

دراسات 

  • دراسة “دراسة اقتصادية حول سوق العمل ومشكلة البطالة المقنّعة في إقليم كوردستان – العراق”: وجدت أن إنتاجية العمالة في بعض الأنشطة تكون غير فعّالة، وأن وجود عدد كبير من العمال يفوق الحاجة الفعلية في تلك الأنشطة يؤدي إلى ما يمكن تسميته “بطالة مقنّعة”، أي أن الاستغناء عن بعضهم لا يؤدي إلى انخفاض الإنتاج. (admics.uomustansiriyah.edu.iq)

  • دراسة "البطالة المقنعة وأثرها على الإنتاجية والنمو الاقتصادي" في ليبيا (جامعة بني وليد): استبيان لعدد من الموظفين في القطاع الحكومي، أظهر أن الأشخاص الذين يعانون من بطالة مقنّعة يرون أن إنتاجيتهم منخفضة بسبب تركيبة العمل، كثرة الموظفين، عدم وضوح المهام، مما يؤثر سلبًا على نمو الناتج الاقتصادي. (aajsr.com)

  • دراسة حالة في محافظة المنيا (مصر) بعنوان “البطالة المقنعة في قطاع الحكومة” إن المنيا من الأماكن التي لوحظت فيها هذه الظاهرة، باستخدام البيانات الكمية والنوعية، لتحديد الجهات التي توجد بها البطالة المقنّعة بدرجة أكبر. (mbes.journals.ekb.eg)

  • مقالات رأي في دول الخليج مثل الكويت: يوضح د. عبد العزيز يوسف الأحمد أن البطالة المقنّعة تُمارَس بتوظيف عدد من العاملين أكثر من المطلوب، أو استمرارية الدوام بدون استغلال فعلي للطاقة العاملة. (جريدة الأنباء الكويتية)

  • مقال "الطبقة الجديدة... البطالة المقنّعة" في الكويت ودول مجلس التعاون: يوصف كيف أن الخريجين يدخلون القطاع الحكومي، ويكون الدور الرمزي في كثير من الأحيان، مما يولّد “طبقة” تعمل ولا تُنتج بنفس الكفاءة. (جريدة الجريدة الكويتية)

  • تعريف Disguised Unemployment حسب مصادر مثل Investopedia: أنها تشمل أولئك الذين يعملون، لكن ليس بكمية أو بكفاءة تساهم فعليًا في الإنتاج الكلي، أو لا يستغلون مؤهلاتهم. (Investopedia)

  • بحث “Disguised Unemployment and the Participation Rate in Urban Colombia”: دراسة حالت فيها أن العمالة المقنّعة تزيد من ضعف المشاركة الاقتصادية لأن عددًا من الأشخاص يعملون لكن إنتاجيتهم منخفضة، مما يؤثر على النمو. (emerald.com)

استراتيجيات علاج البطالة المقنّعة

لمعالجة البطالة المقنّعة وتحويلها إلى إنتاج فعّال، يمكن تبني عدد من السياسات والإجراءات:

  1. تقييم الوظائف وتحليل هيكل العمل

    • إجراء دراسات ميدانية لتحديد مواطن التكدس الزائد في الوظائف الحكومية أو مؤسسات القطاع العام.

    • تحليل مهام الموظفين، وضوح الأدوار، تحديد الفائض في العمالة.

  2. إصلاح هيكل التوظيف في القطاع الحكومي

    • إعادة تنظيم الأجور بناءً على الأداء والإنتاجية.

    • وضع أنظمة تقييم الأداء والمساءلة.

    • تحديد التوظيف الفعلي بناءً على الحاجة الفعلية وليس بناءً على ضغط اجتماعي أو وعود موعودة.

  3. تشجيع القطاع الخاص لإنشاء فرص عمل ذات كفاءة

    • تحفيز استثمارات خاصة، تسهيل بيئة الأعمال، دعم الشركات الناشئة.

    • حوافز ضريبية أو تشريعات تشجع القطاعات التي تستفيد من الإنتاجية العالية.

  4. رفع كفاءة رأس المال البشري

    • تحسين التعليم والتدريب المهني لملائمة متطلبات السوق.

    • تطوير المهارات الرقمية والتقنية.

    • توجيه الخريجين إلى تخصصات ذات طلب، ومراقبة الأعداد في التخصصات الفائضة.

  5. توفير بدائل مرنة للعمل

    • وظائف جزئية مرنة، عقود مؤقتة، عمل عن بعد – بحيث يمكن استغلال الوقت والمهارات بدلاً من أن يكون العمل غير مكتمل أو غير مستغل.

    • تشجيع العمل الموسمي إن انطبق، ودعم التنقل المهني والجغرافي بين الوظائف.

  6. الشفافية، المعلومات وسوق العمل الفعّال

    • بناء منصات إحصائية دقيقة تظهر عدد الوظائف المطلوبة، المهارات، التوزيع الجغرافي.

    • تحسين المعلومات للباحثين عن العمل لتحديد الوظائف التي تتناسب مع مهاراتهم.

  7. تعديل السياسات التعليمية والتخطيط المهني

    • توجيه التعليم وفق بيانات سوق العمل الحقيقية.

    • التنسيق بين الجامعات والمعاهد وسوق العمل لضمان أن الخريجين لديهم فرص حقيقية تناسب مؤهلاتهم.

التحديات في القياس والسياسات

  • غياب البيانات الكمية الدقيقة: البطالة المقنّعة كثيرًا ما لا تُحتسب في الإحصاءات الرسمية، مما يجعل صناع القرار لا يرون المقاييس الحقيقية لحجمها.

  • التوازن بين الاستقرار الاجتماعي والسياسي والإصلاح المؤسسي: الحذف المفاجئ لموظفين أو إعادة هيكلة قد يثير ردود فعل سياسية أو اجتماعية.

  • المقاومة الإدارية والعائق البيروقراطي: بعض الوظائف الزائدة ثابتة بسبب المحسوبية، الرواتب المضمونة، أو الأمان الوظيفي، مما يجعل إزالة الفائض صعبًا.

  • التكاليف المالية والاجتماعية لإعادة الهيكلة: نقل أو تقليص عدد من الموظفين قد يتطلب تعويضات، تأهيل بديل، إجراءات قانونية.

  • السوق الخاص غير جاهز لاستيعاب العمالة النازحة من وظائف غير منتجة إذا كانت هناك فجوة في المهارات أو ضعف فرص العمل.

البطالة المقنّعة ظاهرة خفية لكنها ليست بسيطة؛ هي استنزاف للاقتصاد والموارد البشرية ومعوق للتنمية. الدول التي لا تلاحظها أو لا تعالجها تجد نفسها تدفع أثمانًا اقتصادية واجتماعية كبيرة: ضعف النمو، هدر المال العام، استياء الطبقات، تفشي الإحباط بين الأفراد. لكن هذه الظاهرة قابلة للتقليل مع السياسات الصحيحة: تحسين هيكل التوظيف، رفع كفاءة رأس المال البشري، تشجيع القطاع الخاص، وفرض آليات تقييم الأداء والشفافية.

إن إدراك وجودها بداية جيدة، لكن الأهم هو اتخاذ خطوات عملية للتشخيص والعلاج لتحقيق استغلال أمثل للعمل، وتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة.

المصادر 

  • «كل ما يحتاج الجميع معرفته عن "البطالة المقنعة"»، إنفستوبيديا عربي. (أرقام)

  • «دراسة اقتصادية حول سوق العمل ومشكلة البطالة المقنّعة في إقليم كوردستان – العراق». (admics.uomustansiriyah.edu.iq)

  • «البطالة المقنعة وأثرها على الإنتاجية والنمو الاقتصادي»، سدينة اللافي عبدالله أسديرة، ليبيا. (aajsr.com)

  • «البطالة المقنّعة، الأسباب والحلول»، د. عبدالعزيز يوسف الأحمد، الكويت. (جريدة الأنباء الكويتية)

  • «البطالة المقنّعة في القطاع الحكومي»، محافظة المنيا بمصر. (mbes.journals.ekb.eg)

  • «Disguised, or hidden, unemployment» – تعريف إنجليزي من Investopedia. (Investopedia)




المقال السابق
المقال التالي

كُتب بواسطة:

0 Comments: