العقم عند النساء: أسبابه، طرق التشخيص، وخيارات العلاج الحديثة

يُعتبر العقم عند النساء من أبرز التحديات الصحية والنفسية التي تواجه العديد من السيدات حول العالم. ويُعرّف العقم طبيًا بأنه عدم القدرة على الحمل بعد مرور عام كامل من العلاقة الزوجية المنتظمة دون استخدام وسائل منع الحمل.

تشير الإحصائيات إلى أن ما يقارب 10-15% من الأزواج يعانون من مشاكل في الخصوبة، وتكون المرأة مسؤولة عن ما يقارب نصف هذه الحالات. وتتنوع أسباب العقم بين اضطرابات هرمونية، مشاكل في المبايض، انسداد قناتي فالوب، أو أمراض الرحم.

في هذا المقال سنتناول بتفصيل شامل:

• مفهوم العقم عند النساء.

• أسبابه الرئيسية.

• عوامل الخطر المؤثرة.

• طرق التشخيص والفحوصات الطبية.

• أحدث خيارات العلاج المتاحة.

• طرق الوقاية ونصائح لتعزيز الخصوبة.

ما هو العقم عند النساء؟

العقم هو اضطراب في القدرة الإنجابية، ولا يعني بالضرورة استحالة الحمل بشكل دائم، بل قد يكون مؤقتًا ويحتاج إلى علاج مناسب.

الفرق بين العقم الأولي والثانوي

• العقم الأولي: عندما لم يسبق للمرأة الحمل مطلقًا.

• العقم الثانوي: عندما سبق للمرأة الحمل مرة واحدة على الأقل، ثم واجهت صعوبة في الحمل لاحقًا.

أسباب العقم عند النساء

1. اضطرابات الإباضة

تشكل اضطرابات التبويض حوالي 40% من حالات العقم عند النساء. وتشمل:

• متلازمة تكيس المبايض (PCOS): أكثر أسباب العقم شيوعًا.

• قصور المبيض المبكر: توقف المبيض عن العمل قبل سن الأربعين.

• اختلال هرمونات الغدة الدرقية (فرط أو قصور).

• ارتفاع هرمون البرولاكتين (هرمون الحليب).

2. مشاكل قناتي فالوب

• انسداد قناتي فالوب بسبب التهابات الحوض.

• التصاقات بعد العمليات الجراحية.

• العدوى المنقولة جنسيًا (مثل الكلاميديا والسيلان).

3. مشاكل الرحم

• الأورام الليفية الرحمية التي تعيق انغراس الجنين.

• اللحميات أو الزوائد الرحمية.

• التشوهات الخلقية للرحم.

• بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis): حيث تنمو أنسجة البطانة خارج الرحم مسببة التصاقات وعقم.

4. العوامل الهرمونية

• اختلال في نسبة هرموني FSH وLH المسؤولين عن التبويض.

• نقص هرمون البروجستيرون الذي يساعد على تثبيت الحمل.

5. العوامل المرتبطة بنمط الحياة

• السمنة أو النحافة المفرطة.

• التدخين والكحول.

• التوتر النفسي المزمن.

• التغذية غير المتوازنة.

عوامل الخطر لزيادة احتمالية العقم

• العمر: الخصوبة تقل تدريجيًا بعد سن 35 بشكل ملحوظ.

• التاريخ العائلي: وجود أمراض وراثية متعلقة بالعقم.

• الأمراض المزمنة: مثل السكري أو أمراض المناعة الذاتية.

• استخدام بعض الأدوية: مثل العلاج الكيماوي والإشعاعي.

أعراض العقم عند النساء

العقم غالبًا لا يظهر كعرض مباشر، لكنه يترافق مع علامات تدل على وجود مشكلة صحية مثل:

• عدم انتظام الدورة الشهرية.

• غياب الدورة الشهرية تمامًا.

• نزيف غير طبيعي.

• آلام مزمنة في الحوض (خاصة مع بطانة الرحم المهاجرة).

• تغيرات في الوزن والشعر بسبب خلل هرموني.

التشخيص الطبي للعقم عند النساء

1. التاريخ الطبي والفحص السريري

• مراجعة الدورة الشهرية.

• تقييم وجود أمراض سابقة مثل التهابات الحوض.

2. الفحوصات المخبرية

• تحاليل الهرمونات: FSH، LH، البرولاكتين، هرمونات الغدة الدرقية.

• اختبارات مخزون المبيض (AMH): لمعرفة قدرة المبيض على إنتاج البويضات.

3. الفحوصات التصويرية

• الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): للكشف عن تكيسات المبايض أو الأورام الليفية.

• الأشعة بالصبغة على الرحم والأنابيب (HSG): لتشخيص انسداد قناتي فالوب.

• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): للكشف عن بطانة الرحم المهاجرة.

4. الفحوصات التداخلية

• التنظير الرحمي (Hysteroscopy): لفحص تجويف الرحم.

• التنظير البطني (Laparoscopy): لتشخيص الالتصاقات وبطانة الرحم المهاجرة.

خيارات علاج العقم عند النساء

1. العلاج الدوائي

• منشطات التبويض (مثل كلوميفين سيترات): لتحفيز المبيض على إنتاج بويضات.

• أدوية هرمونية: لتنظيم الدورة وعلاج الخلل الهرموني.

• الميتفورمين: يستخدم في حالات تكيس المبايض لتحسين التبويض.

• مضادات البرولاكتين: عند ارتفاع هرمون الحليب.

2. العلاج الجراحي

• إزالة الأورام الليفية أو اللحميات.

• فتح أو تسليك قناتي فالوب.

• استئصال الأكياس المبيضية.

• علاج بطانة الرحم المهاجرة بالمنظار.

3. تقنيات الإخصاب المساعد

أ- التلقيح الصناعي (IUI)

• يتم إدخال الحيوانات المنوية بعد تنقيتها مباشرة إلى داخل الرحم.

• يناسب حالات العقم البسيطة.

ب- أطفال الأنابيب (IVF)

• يتم تحفيز المبيض لإنتاج بويضات، ثم تخصيبها بالحيوانات المنوية في المختبر، وإرجاع الأجنة للرحم.

• يستخدم في حالات انسداد الأنابيب أو فشل التلقيح الصناعي.

ج- الحقن المجهري (ICSI)

• يتم حقن حيوان منوي واحد مباشرة في البويضة.

• يُستخدم في حالات ضعف الحيوانات المنوية أو فشل محاولات أطفال الأنابيب.

د- تجميد البويضات والأجنة

• تقنية حديثة تتيح للنساء حفظ خصوبتهن في سن مبكرة لاستخدامها لاحقًا.

4. العلاجات الحديثة والبحوث الجديدة

• العلاج بالخلايا الجذعية: أبحاث واعدة لإعادة تنشيط المبيض.

• العلاج المناعي: لحالات الإجهاض المتكرر غير المبرر.

• العلاج بالذكاء الاصطناعي: لتحسين اختيار الأجنة في عمليات أطفال الأنابيب.

الوقاية وتعزيز الخصوبة عند النساء

• الحفاظ على وزن صحي.

• اتباع نظام غذائي متوازن: غني بالخضروات، الفواكه، والحبوب الكاملة.

• تجنب التدخين والكحول.

• ممارسة الرياضة بانتظام.

• إدارة التوتر: عبر التأمل أو اليوغا.

• الفحوصات الطبية الدورية: خاصة بعد سن الثلاثين.

الجانب النفسي والاجتماعي للعقم

العقم لا يؤثر فقط على الصحة الجسدية، بل أيضًا على الجانب النفسي والعاطفي للمرأة. كثير من النساء يعانين من القلق، الاكتئاب، أو الشعور بالذنب. لذلك:

• الدعم الأسري والزوجي مهم جدًا.

• الاستشارة النفسية تساعد على تخفيف الضغط النفسي.

• مجموعات الدعم للنساء المصابات بالعقم توفر بيئة إيجابية لتبادل الخبرات.

أسئلة شائعة حول العقم عند النساء

هل يمكن علاج العقم عند النساء بشكل نهائي؟

في كثير من الحالات نعم، خاصة إذا كان السبب بسيطًا مثل اضطراب الهرمونات أو انسداد بسيط في الأنابيب. لكن هناك حالات تحتاج إلى تقنيات الإخصاب المساعد.

هل يؤثر العمر بشكل كبير على فرص الحمل؟

نعم، حيث تنخفض الخصوبة بشكل ملحوظ بعد سن 35 بسبب انخفاض عدد وجودة البويضات.

هل يمكن الحمل بشكل طبيعي بعد علاج العقم؟

نعم، كثير من النساء استطعن الحمل بشكل طبيعي بعد العلاج، خصوصًا عند علاج تكيس المبايض أو إزالة الأورام الليفية.

العقم عند النساء ليس نهاية المطاف، بل هو تحدٍ طبي يمكن التغلب عليه في الكثير من الحالات. بفضل التقدم الطبي والتقنيات الحديثة، أصبحت فرص الإنجاب أعلى بكثير مقارنة بالماضي.

إن التشخيص المبكر ومعرفة السبب الدقيق للعقم هو الخطوة الأولى نحو العلاج الفعّال. ومع وجود خيارات متعددة مثل العلاج الدوائي، الجراحة، وأطفال الأنابيب، يمكن للمرأة أن تحقق حلم الأمومة.

إضافة إلى ذلك، فإن اتباع نمط حياة صحي، تقليل التوتر، والحفاظ على وزن مثالي هي مفاتيح أساسية لتعزيز الخصوبة وزيادة فرص الحمل.